*تناسب خواتيم الزخرف مع فواتح الدخان*
قال في خواتيم الزخرف (سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85))
وفي أوائل الدخان قال (رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7)) هذا تعميم.
في خاتمة الزخرف قال (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)) وفي الدخان قال (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8)) أكدت وحدانية الله سبحانه وتعالى.
قال في أواخر الزخرف (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)) في الدخان قال (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)) اتركهم وانظر نهايتهم.
***من اللمسات البيانية فى سورة الدخان***
آية (23):
*(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) الشعراء) وفي الدخان (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (23)) المعروف أن السرى يكون ليلاً فلماذا قال ليلاً ولماذا لم يقل ليلاً في آية سورة الشعراء؟(د.فاضل السامرائى)
هذا الظرف المؤكِّد.
قسم يقول أن هذا من باب التوكيد، الإسراء بالليل والسؤال عن آيتين في إحداهما لم يقل ليلاً (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) الشعراء)
وفي الدخان قال ليلاً (فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29))
نفهم من الناحية النحوية ما معنى خرجت ليلاً أو جئت ليلاً؟ هذا ما قرره النحاة سيبويه وغيره عندما تقول ليلاً أو صباحاً أو جئت صباحاً هذا يعني إما في يومك أو في يوم بعينه.
جئت صباحاً تتكلم عن يوم يعني اليوم، تتكلم مثلاً عن يوم مثلاً الجمعة تقول جئت صباحاً، أو إذا قلت جئت ليلاً يعني ليلتك هذه.
لكن جئت في ليل أو في صباح تعني أيّ ليل أو أيّ صباح، هذه قاعدة مقررة في النحو. (وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ (16) يوسف) يعني عشاء ذلك اليوم الذي خرجوا فيه. إذن لما أقول أُخرج ليلاً يعني هذا اليوم الذي أكلمك الآن فيه، ليلاً وصباحاً ومساءً هذه مقررة، إذا أردت مساء ليلتك أو مساء يوم بعينه أو ليل يومك أو ليلة بعينها هذا كله يدخل فيه.
إذن عندنا أمرين: أسر ليلاً يعني الليلة هذه، (أسر بعبادي) ليس فيها وقت محدد.
قال في الشعراء (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55)) إذن فيها متسع حتى يجمع فرعون جماعته ويرسل في المدائن. وفي الدخان قال (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا) هذا أمر وقع هذا أسرع، هذا تصوير للحادثة في ليلة حدوثها عندما قال اليوم يعني اليوم تخرد وكأن سورة الشعراء وحيٌ من الله ليجهز نفسه حتى يأتي الأمر، بينما الكلام قبلها على السحرة (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ (49)) كلام عام ووراءها قال (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55)) تكلم كلاماً آخر وليس فيها الأمر بالخروج هذه الليلة والآن فرعون عنده متسع في الكلام وإرسال في المدائن.
(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) الدخان) فإذن ليلاً الآن تخرج هذه الليلة والسياق واضح.
آية (27):
*ما الفرق بين النَعمة والنِعمة (وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) الدخان) (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) المزمل) ؟(د.فاضل السامرائى)
النعمة تفضل الله تعالى على عباده وهي متعددة العافية والقوة والإيمان هذه كلها نِعم (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (34) إبراهيم) أما النَعمة فهي الرفاهية والتنعم ولين العيش والرخاء من النعيم والنعيم أحد النِعم.
الله تعالى ذكر السمع والبصر والدين نعمة (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الضحى) هذه كلها نِعم والنَعمة الرخاء والرفاهية ولم ترد في القرآن إلا في الذمّ (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) المزمل)(وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) الدخان)لم ترد كلمة النَعمة في الخير أما النِعمة فكلها خير.
آية (49):
*ما دلالة ذكر وحذف (من) في قوله تعالى (يُصبّ من فوق رؤوسهم الحميم)فى سورة الحج و(ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ(فى سورة الدخان؟ (د.فاضل السامرائى)
ذكر (من) تفيد الإبتداء أي ابتداء الغاية وليس هناك فاصل كما جاء في قوله تعالى (يُصبّ من فوق رؤوسهم الحميم) أي ليس هناك فاصل بين الرأس والصبّ حتى لا تضيع أية حرارة لأن العاقبة لهذا الصبّ أن يُصهر به ما في بطونهم.
أما في سورة الدخان فهي تحتمل البعيد والقريب (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ {48} ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ {49} الدخان) وهذا العذاب أخف من الأول (من فوق رؤوسهم).
*ما هو نوع الأسلوب في قوله تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) الدخان)؟(د.فاضل السامرائى)
هذا من باب السخرية منهم (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) الدخان) العزيز الكريم يصب فوق رأسه من عذاب الحميم، هذا استهزاء وسخرية (اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) البقرة) (سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) التوبة).
هذا الأسلوب أسلوب سخرية أنت تسخر من واحد هو لا يعرف أن يتكلم تقول له أنت أفصح من أكثم بن صيفي أو قس بن ساعدة، شخص قال شعراً لا وزن له ولا قافية ولا يعلم اللغة العربية فتقول له أنت أشعر من المتنبي هذا أسلوب سخرية.
****تناسب فواتح سورة الدخان مع خواتيمها****
في أولها (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)) وفي آخرها (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)) الكلام في البداية عن القرآن (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)) وآخرها (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)) أيضاً عن القرآن. وفي أولها (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9)) وفي آخرها (فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)) صاحب الشك يترقب ماذا سيحصل له.
ارتقب بمعنى انتظر. هم في شك فارتقب إنهم مرتقبون، الشك يترقب ماذا سيحصل؟.
هم وهو، أخبر عنهم ثم أمره، هم في شك أنت ارتقب ماذا سوف يحصل في شكهم ما نتيجة هذا الشك؟ ما مآله؟ هم في شك فارتقب أنت.
*****تناسب خواتيم الدخان مع فواتح الجاثية*****
في خاتمة الدخان قال (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)) الكتاب وفي الجاثية (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)) الكلام عن الكتاب.
قال في الدخان (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) وذكر في أول الجاثية ما يدعو إلى التذكّر (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)) بيّن وذكر أموراً تدعو إلى التذكّر قال (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) في خاتمة الدخان وبيّن في الجاثية ما يدعو إلى التذكر من الأمور التي ينبغي النظر إليها.
لماذا لم تأت هذه التكملة مع النسق الذي سبقها من آي القرآن الكريم في السورة السابقة؟
هي الآن في موطنها هي ترتبط من ناحيتين ترتبط في سياق السورة ذاتها بالآية التي قبلها والآية التي بعدها وفي سياق الآية هذا من ناحية وترتبط من ناحية أخرى بالسورة التي قبلها، إذن هنالك تناسب الآيات والسور الآيات متناسبة والسور أيضاً متناسبة وذكرنا سابقاً تناسب أول السورة مع خاتمتها لكن كل موضع يكون في سياقه. يعني الآية مترابطة مع الآية التي قبلها والتي بعدها والسورة كلها مترابطة مع بعضها ومترابطة مع السورة التي قبلها والسورة التي بعدها.
bbbbbbbbbbb
اللهم اغفر المذنبه واجعل ما تكتب نور لها في قبرها اللهم اني اسالك حبك ورضاك لا غيرك اللهم اغفر لي والوالدي ولجميع المسلمين والمسلمات